اوري افنيري 

القيصر / أوري أفنيري


في منتصف سنوات الخمسينات، طلب أريئيل شارون منّي أن أرتّب لقاءً بينه وبين ياسر عرفات.

قبل ذلك ببضعة أيام، تم الكشف في وسائل الإعلان أنني على اتصال دائم مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وهي المنظمة التي كانت معرّفة رسميًا بتنظيم إرهابي.

قلت لشارون إن محاوريّ سيسألونني بالتأكيد ماذا سيقدّم لقائدهم. وقد كشف لي بأن اقتراحه هو مساعدة الفلسطينيين على إسقاط النظام الأردني وتحويل الأردن إلى دولة فلسطينية، سيكون عرفات رئيسها.

"وماذا بالنسبة للضفة الغربية"؟ سألت.

"بعد أن تتحوّل الأردن إلى فلسطين، سيتغيّر شكل الصراع بأكمله. لن يكون صراع بين شعبين بعد، وإنما بين دولتين، وهو وضع يمكن حلّه بسهولة. سنجد طريقة ما لتقسيم الأراضي أو تقسيم الأدوار، أو سنسيطر على الضفة معًا".

نقل أصدقائي الطلب لعرفات، والذي رفضها بشكل صريح. ولكنه لم يفوّت فرصة إخبار الملك حسين بذلك. وقد كشف الملك عن ذلك للصحيفة الكويتية المهمّة "الرأي"، وهكذا عرفت عن ذلك الأمر.

كانت خطّة شارون ثورية وقتئذ. أثنت المؤسسة الإسرائيلية بأكملها تقريبًا- بما في ذلك رئيس الحكومة إسحاق رابين ووزير الدفاع شمعون بيريس - على "الخيار الأردني"، أي السلام مع الملك الحسين. وقد تجاهلوا الفلسطينيين تمامًا، أو اعتبروهم عدوّا للأبد.

وقبل ذلك بخمس سنوات، في "أيلول الأسود"، حين قاتل الفلسطينيون في الأردن قوّات الملك، أنقذت إسرائيل الملك استجابة لطلب هنري كسنجر. وقد اقترحتُ في صفحات صحيفة "هعولام هزيه" القيام بخلاف ذلك: مساعدة الفلسطينيين. قال لي شارون في وقت لاحق بأنه اقترح في ذلك الوقت على هيئة الأركان العامة الأمر ذاته، حتى إنْ كان لغرض مختلف. اقترحتُ إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية، واقترح شارون إقامتها في الضفة الشرقية.

(فكرة تحويل الأردن إلى فلسطين تتأسّس على سبب لفظي غير معروف عمومًا. ففي اللغة العبريّة، "أرض إسرائيل" هي الأرض الواقعة على جانبي نهر الأردن، والتي استوطنت فيها القبائل العبريّة وفقًا للأسطورة التوراتية. أما في اللغة العربية، "فلسطين" هي فقط الأرض التي تقع غربيّ الأردن. ولذلك من الطبيعي للجهلة من الإسرائيليين أن يقترحوا على الفلسطينيين إقامة دولتهم من الجهة الشرقية لنهر الأردن. وينظر الفلسطينيين إلى ذلك بمعنى أن تقام دولتهم خارج البلاد).

في تلك الفترة كان شارون نتوءًا سياسيًا.

في 1973 ترك الجيش، بعد أن أدرك أنه لن يحصل على منصب رئيس الأركان. يبدو ذلك غريبًا، لأنه حتى ذلك الحين كان يعتبر قائد عسكري متفوّق. وكانت المشكلة أنه اعتُبر ضابطًا تمت إقالته بسبب قلة الانضباط، احتقاره لرؤسائه وزملائه وغيرهم. إلى جانب ذلك، فقد كانت علاقته بالحقيقة إشكالية. سجّل دافيد بن غوريون في يومياته أنّه كان بوسع شارون أن يكون ضابطا متفوقا، لو أنه تجاوز عادته في أن يقول عكس الحقيقة.

عندما ترك الجيش، شكّل شارون حزب الليكود من خلال توحيد كل أحزاب اليمين. حينها اخترته للمرة الأولى على أنه "شخصية العام" في صحيفة "هعولام هزيه"، وكتبت عنه مقالا طويلا حول سيرته الذاتية. بعد مرور عدّة أيام، اندلعت حرب تشرين في عام 1974، وعاد شارون إلى الجيش. وقد اعتبر بعض الأشخاص دوره في الجيش عبقريًا، بينما اعتبره آخرون قصة من انتهاك الانضباط والحظ. وأصبحت صورة لشارون، يظهر رأسه فيها وهو ملفوف بضمادة بيضاء كبيرة، علامته التجارية، رغم أنه كان مجرد جرح صغير حدث بسبب اصطدام جبهته بطرف ناقلة الجنود. (ولكنه أصيب بجروح خطيرة حقّا في حرب 1948، مثلي).

بعد حرب تشرين في عام 1974، أصبح الجدل حول دور شارون في الحرب محورًا لـ "حرب الجنرالات". حينها، بدأ يزورني في منزلي من أجل شرح تحرّكاته، وهذا بدأت بيننا علاقات ودّية.

ترك شارون الليكود حين أدرك أنّه ليس لديه فرصة ليصبح زعيمه، ما دام هناك مناحم بيجن. بدأ يسير في طريق مستقلّ. (حينها طلب منّي أن أرتّب اللقاء مع عرفات).

فكّر في تأسيس حزب جديد، ليس يمينيّا ولا يساريّا، بحيث يقف في مقدمته "أشخاص بارزون" من جميع شرائح المجتمع. وقد دعاني للانضمام، وجرت بيننا محادثات طويلة في منزله.

يجدر بي أن أوضّح هنا بأنّني بحثت منذ ذلك الوقت ودومًا عن رجل صاحب ماض أمنيّ بارز من أجل أن يكون في مقدّمة معسكر السلام. كان سيسهّل علينا زعيم بهذه الخلفية كسب الرأي العام. كان شارون ملائمًا لهذه الوصفة (مثل إسحاق رابين، في وقت لاحق). ومع ذلك، خلال المحادثات اتّضح لي أنّه ظلّ يمينيّا في الحقيقة.

وفي النهاية، أسّس شارون حزبًا جديدًا اسمه "شلوم تسيون" (على اسم بنت عاموس كينان، والذي تشاور معه أيضًا). وقد فشل حزبه فشلا ذريعًا في الانتخابات. وفي اليوم التالي، عاد إلى الليكود.

فاز الليكود في الانتخابات وأصبح بيجن رئيسًا للحكومة. ولكن حين كان شارون يأمل بالحصول على حقيبة الدفاع، أصيب بخيبة أمل. بيجن لم يثق به. كان شارون يبدو وكأنه جنرال يمكنه أن يحدث انقلابًا عسكريًا. قال وزير المالية، سمحا إرليخ، إذا أصبح شارون وزيرًا للدفاع، فسيرسل الدبابات لتطويق الكنيست.

(شاعت في البلاد حينها طرفة: يعقد شارون اجتماعًا لهيئة الأركان العامة ويعلن "أيها الأصدقاء، غدًا في السادسة سنستلم زمام على السلطة!" بعد لحظة من الصدمة، ينفجر جميع الحضور ضاحكين).

ولكن حين استقال عيزر فايتسمان من منصب وزير الدفاع، لم يكن لدى بيجن خيار سوى أن يعيّن شارون مكانه. كانت المرة الثانية عندما اخترته بصفته "شخصية العام". تعامل مع الموضوع بجدّية وجلس معي لساعات كثيرة في منزله وديوانه، ليشرح لي أفكاره.

إحدى هذه الأفكار، التي كان ينوي شرحها للأمريكيين، كانت فكرة احتلال إيران. أوضح لي بأن آية الله الخميني يختضر، وحينها سيبدأ السباق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي حول السيطرة على المنطقة أولا. تعتبر الولايات المتحدة بعيدة، ولكن إسرائيل يمكنها القيام بذلك. بمساعدة سلاح أمريكي ثقيل، الذي يتم تخزينه في إسرائيل مسبقًا، سيصل الجيش الإسرائيلي إلى هناك قبل أن يتمكّن الاتحاد السوفيتي من التحرّك. كشف شارون أمامي عن الخرائط التفصيلية للعملية على مدار أربع وعشرين ساعة.

كانت تلك فكرة نموذجية لشارون. وكانت رؤيته واسعة وتحتضن العالم. بقي مستمعوه من دون يلتقطوا أنفاسهم، وقارنوا بينه وبين السياسيين الصغار العاديين، الذين لا يملكون رؤية أو إدراكًا واسعًا. ولكن استندت أفكار شارون إلى جهل عميق للقوى الفاعلة في المنطقة، ولذلك كانت تطيش على مياه ضحلة.

في ذلك الوقت، وقبل تسعة أشهر من الحرب اللبنانية الأولى، كشف شارون لي عن خطّته الكبيرة لإعادة تنظيم المنطقة. وقد سمح لي بنشر الخطّة، ولكن بشرط ألا أنشر بأنني سمعت ذلك على لسانه. لقد وثق بي.

بشكل أساسي، كانت تلك هي نفس الخطّة التي أراد سابقًا أن يعرضها على عرفات.

تغزو قوات الجيش الإسرائيلي لبنان وتطرد الفلسطينيين من هناك إلى سوريا، ويطردهم السوريون إلى الأردن. وهناك يُحدث الفلسطينيون ثورة، يسقطون الملك ويقيمون دولة فلسطين. وسيطرد الجيش الإسرائيلي السوريين أيضًا من لبنان. في لبنان نفسها، يختار شارون ضابطا مسيحيًا ويحوّله إلى دكتاتور. تقيم لبنان سلامًا رسميّا مع إسرائيل وتتحوّل في الواقع إلى دولة راعية لإسرائيل.

نشرت الخطّة كلها، وبعد مرور تسعة أشهر غزا شارون لبنان، بعد أن كذب على بيجن والحكومة بخصوص أهدافه. لقد أخبرهم بأنه يريد ببساطة أن يبعد "الإرهابيين" حتى مسافة أربعين كيلومترًا عن الحدود. ولكن الحرب كانت كارثة، من الناحية العسكرية والسياسية على حد سواء.

يمكننا القول أن الحرب فشلت سياسيًا، ولكنها نجحت عسكريًا. هذا بعيد عن الحقيقة. لم تحقّق أيّ وحدة من وحدات الجيش الإسرائيلي هدفها في الوقت المحدد، إن حقّقته أصلا. وقد غنّى الجنود: "اهبطي إلينا أيتها الطائرة / خذينا إلى لبنان / لنقاتل من أجل شارون / ونعود داخل تابوت".

قُتل الدكتاتور، بشير الجميّل، الذي اختاره شارون. قام شقيقه وخليفته بتوقيع اتفاقية سلام رسمية مع إسرائيل، ولكن تم نسيان هذه الاتفاقية تمامًا. وبقي السوريّون في لبنان لسنوات طويلة. انسحب الجيش الإسرائيلي من هناك بصعوبة، بعد 18 عامًا من حرب العصابات، والتي أصبحت الطائفة الشيعية الذليلة والمنعزلة خلالها قوة أساسية في لبنان.

والأسوأ من ذلك: من أجل جعل الفلسطينيين يهربون، أدخل شارون الكتائب اللبنانية القاتلة إلى مخيّمات اللاجئين صبرا وشاتيلا، وهناك ارتكبوا مجزرة فظيعة. تظاهر مئات الآلاف من الإسرائيليين المنفعلين في تل أبيب، وتمت تنحية شارون من وزارة الدفاع.

وفي ذروة معركة بيروت تجاوزت الخطوط الحمراء والتقيتُ بعرفات. ومنذ ذلك الوقت، انقطعت العلاقة بين شارون وبين كليًا.

بدا ذلك وكأنه نهاية سيرة شارون المهنية. ولكن بالنسبة لشارون، كلّ نهاية كانت بمثابة بداية جديدة.

أحد العاملين لصالحه في وسائل الإعلام، أوري دان (والذي شقّ طريقه في صحيفة "هعولام هزيه") صرّح ببيان تنبّؤي: "كل من لا يريد أن يكون شارون رئيسًا للأركان قبله كوزير للدفاع، ومن لا يريد شارون وزيرًا للدفاع فسيقبله رئيسًا للحكومة". واليوم يمكننا أن نضيف: "ومن لا يريده كرئيس للحكومة، فسيقبله كرمز وطني".

قال لي أمس اللواء المتقاعد، إسحاق بن يسرائيل: "لقد كان قيصرًا رومانيا". أعتقد أن هذا وصف مناسب.

أشبه بالقيصر الروماني، كان شارون شخصًا متعاليًا، وقورًا ومخيفًا، معطاءً وفظّا، حماسيّا وغدّارا، وطنيّا وفاسدًا، جنرالا مكلّلا بالنجاح ومجرم حرب، سريعًا في اتخاذ القرارات وحازمًا في تنفيذها، ساعيًا وراء المتعة وقد استطاع أن يتغلّب على جميع العقبات بقوة شخصيّته.

لم يكن هناك إمكانية للقائه دون الإحساس بقوّته المخادعة. كانت العدوانيّة متجذّرة في شخصيته.

كان يعتقد أن القدر اختاره لقيادة إسرائيل. لم يظنّ ذلك، ببساطة، كان واثقًا. من وجهة نظره، كانت مسيرته الشخصية ومصير الدولة أمرًا واحدا. ولذلك، كان يعتبر كل من يعترض طريقه خائنًا للدولة. كان يحتقر أيّ شخص حوله، بدءًا بيجن وانتهاءً بآخر سياسي ومحارب.

تبلورت شخصيّته في طفولته المبكّرة في "كفار ملال"، وهي قرية كانت تابعة لحزب العمال الإسرائيلي. سيطرت والدته، فيرا، على مزرعة الأسرة بيد من حديد. كانت تتشاجر مع جميع الجيران، مؤسسات القرية والحزب. حين سقط أريك الصغير على المذراة وجُرح، لم تأخذه أمه إلى الفرع القريب من صندوق المرضى، لأنها كانت على صراع مع العاملين فيه، وإنّما أخذته على حمار، وقطعت مسافة طويلة لتصل إلى الطبيب في كفار سابا.

وحين انتشرت شائعة بأنّ العرب من القرى المجاورة سيقدمون إلى القرية، قامت بتخبئة أريك الصغير.

وفي وقت لاحق، حين كبرت أمّه (والتي كانت لا تزال تدير المزرعة في كفار ملال) زارت شارون في مزرعته الجديدة، ورأت ثقوبا للتصريف في الحاجز فصاحت: "إنه أمر جيّد أن هناك ثقوب لإطلاق النار! حين يأتي العرب ستتمكّنون من إطلاق النار عليهم!"

كيف اشترى ضابط فقير المزرعة الأكبر في البلاد؟ ببساطة: حصل عليها كهدية من مشولام ريكليس، ملياردير إسرائيلي أمريكي، بمساعدة وزير المالية بنحاس سابير. ومع مرور الأيام، أصبح شارون متورّطا في عدد من الأعمال المشبوهة مع أصحاب المليارديرات.

كان شارون الإسرائيلي الأكثر نموذجية الذي يمكن تصوّره، تجسيدًا للمقولة (ولي حقّ ملكيّتها): "إن لم تنفع القوة، جرّب المزيد من القوّة!"

ولذلك فوجئت جدّا حين دعم علنيًا، تحرير عشرات الآلاف من طلاب الحلقات الدينية من الخدمة العسكرية. "كيف يمكنك ذلك؟" سألته. أجاب: "أنا يهودي قبل كلّ شيء، وفقط بعد ذلك إسرائيلي!" قلت له أنا أعرّف نفسي عكس ذلك تمامًا.

من الناحية الإيديولوجية، فقد كان تلميذ دافيد بن غوريون وموشيه ديان وسار على خطاهما، وكانا يؤمنان بالقوة العسكرية وبالحاجة إلى توسيع مساحة إسرائيل دون حدود. بدأت حياته العسكرية فعليًا في سنوات الخمسينيات الأولى حين عيّنه موشيه ديان قائدًا لوحدة غير رسمية سمّيتْ "الوحدة 101"، والتي تم إرسالها وراء الحدود من أجل القتل والتدمير، وكان ذلك على ما يبدو انتقامًا لهجمات مماثلة من العرب. وكانت العملية الأكثر شهرة له، هي مذبحة قرية قبية عام 1953، حين تم دفن 49 عربيًا، رجالا، نساء وأطفالا، تحت بيوتهم التي فجّرها رجال شارون.

في وقت لاحق، حين كُلّف بوضع حدّ للهجمات في قطاع غزة، قتل شارون كلّ عربي كان يحمل سلاحًا. وحين سألته عن قتل الأسرى، قال: "لم أقتل الأسرى. لم آخذ أسرى!"

في بداية حياته العسكرية كان قائدًا سيّئا. ولكن من بين حرب وأخرى قد تحسّن. بخلاف جنرالات آخرين تعلّم من إخفاقاته. وقد اعتبر في حرب تشرين في عام 1974، قائدًا في مستوى إرفين رومل الألماني وجورج باتون الأمريكي. بين معركة وأخرى، التهم في سيارة القيادة الخاصة به مأكولات بحرية محرّمة.

كان المصنع الرئيسي في حياته هو إقامة المستوطنات. كونه ضابطًا في الجيش الإسرائيلي، وسياسيًا ووزيرًا في ست وزارات مختلفة، كان يبذل جهوده الرئيسية في التخطيط وإقامة المستوطنات في الأراضي المحتلة.

لم يكن يهمّه إنْ كانت المستوطنات شرعية أو أنها ليست شرعية وفقًا للقانون الإسرائيلي (بطبيعة الحال كانت جميعها غير شرعية بموجب القانون الدولي، والذي كان يحتقره من أعماق قلبه).

لقد حدّد موقع كل مستوطنة وكل مستعمرة، حيث كان الهدف هو تقطيع الضفة الغربية إلى قطاعات متفرّقة، من أجل تجنّب احتمال قيام دولة فلسطينية فيها. أعلن شارون عن كل قرار اتخذه في مجلس الوزراء وفي الكنيست. وليس صدفة أنه يسمّى "البلدوزر".

أصبح "الجيش الإسرائيلي" بمثابة "جيش الدفاع عن المستوطنين"، وغرق ببطء في مستنقع الاحتلال.

ومع ذلك، حين عرقلت المستوطنات خطّته، لم تكن لديه أيّ مشكلة لتدميرها. حين دعم السلام مع مصر، أزال مدينة يميت بأكملها، من على وجه الأرض، جنبًا إلى جنب مع المستوطنات حولها. وبعد ذلك قام بنفس الأمر مع مستوطنات جوش قطيف، واستقطب كراهية المستوطِنين الشديدة، الذين كانوا تحت رعايته سابقًا. شغل منصب قائد عسكري، كان مستعدًا لأن يضحي بفرقة عسكرية من أجل تحسين وضعه الاستراتيجي العام.

عندما مات شارون يوم السبت الماضي، بعد أن مكث لثماني سنوات في غيبوبة، جعله النائحون بطلا قوميًا ممتدّا ومسطّحًا. بل شبهته وزارة التربية بموسى عليه السلام.

في حياته الحقيقية، كان إنسانًا معقدّا جدّا، ليس أقلّ تعقيدًا من دولة إسرائيل نفسها. تاريخه الشخصي مختلط بتاريخ الدولة.

تركته الأساسية كانت كارثة: عشرات المستوطنات التي زرعها في الضفة الغربية. كل واحدة منها عبارة عن لغم، سيكون ضروريًا تفكيكها، إلى جانب المخاطرة الكبيرة، في الوقت المناسب.

فليسترح في قبره بسلام.